أخبار وطنية مساعدة مديرة مدرسة غرة ماي ببن عروس ومندوب التربية بالجهة يكشفان كلّ التفاصيل عن تعطل العودة المدرسية وأسبابها والقرارات المرتقبة
كشفت سهام المزوغي مديرة مساعدة لمدرسة غرة ماي ببن عروس لموقع الجمهورية اليوم الخميس 18 سبتمبر، عن حقيقة المشكل الذي تعيش على وقعه مدرسة غرة ماي على خلفية احتجاج ستة معلمين ومقاطعة التدريس عبر رفعهم لشعارات ضد مدير المدرسة يتهمونه فيها بالتحرش الجنسي والرشوة قصد تنصيب أحد المعلمين ذو اتجاه سياسي على رأس الإدارة،كما أكدت تأسيسهم لإدارة موازية عبر الاجتماع يوميا في منزل احدهم .
و من جهة أخرى توجهت المزوغي برسالة للرأي العام عبر موقع الجمهورية هذا ماجاء فيها :
"لليوم الرابع على التوالي مدرسة غرّة ماي ببن عروس تهتزّ وسلطة الإشراف تغطّ في سبات عميق اعتدنا أن يكون يوم العودة المدرسيّة يوم عيد فحتّى الحافلات بتونس قد زيّنت هذه السنة بالأعلام... و هل يوجد أحلى من هذه المناسبة ليرفرف علم تونس عاليا بجمع أنهجها وشوارعها؟ و لكن للأسف لم تحتفل مدرسة غرّة ماي ببن عروس هذه السنة بالعودة المدرسيّة. أقسام منعشة بمربيها وأطفالها، ينهلون العلم وأخرى مقفرة، أبوابها موصدة، تنتظر صحوة ضمير معلميها. لقد قرّر بعض معلمّي هذه المدرسة أن يعلنوا يوم عيد الأطفال عن إعتصامهم غير الشرعي الذي لا تسانده لا نقابة التعليم ولا وزارة التربية والتكوين. عددهم ستّة من مجموع ثلاثين معلّما بالمدرسة قرّروا أن يجعلوا من هذا اليوم جحيما. لترى بساحة المدرسة أطفالا صغارا يرتدون ميداعات أنيقة ويحملون محافظ جديدة ولكن عيونهم دامعة وقلوبهم حزينة. حدّثتهم والدتهم طيلة فصل الصيف عن وجوب الإنصات إلى المعلمة بصفتها أمّ ثانية.
حيّوا العلم المفدّى وهم يمنون النفس باستقبال مربيهم ومربّياتهم في قمّة السعادة. بعض التلاميذ حظوا باستقبال من قبل معلميهم أماّ البعض الأخر فقد صدموا باقتحام معلميهم وعدد قليل من الأولياء المدرسة رافعين لافتات ينّدى لها الجبين و هم ينشدون النشيد الوطني ويتهمون فيها الإدارة بالرشوة والتحرش الجنسي بمن يرتدين اللباس الشرعي. مع العلم أنّ المدرسة تعجّ بالسافرات الشابات اللاتي لم يحظين من الإدارة إلاّ بالإحترام و التقدير. "أبي/ أمّي ما معنى تحرّش جنسي؟" مشهد استغرب له الأطفال حتّى أن أغلبهم سألوا أولياءهم "أبي/ أمّي ما معنى تحرّش جنسي؟". فأصيب هؤلاء الأولياء بالذعر وتمنوا أنّ الأرض قد ابتلعتهم ولم يجدوا من يمتصّ غضبهم. فتوجهوا إلى المعلمين المضربين باللوم والعتاب مذكرينهم بقول الشاعر: "قف للمعلم وفه التبجيل كاد المعلم يكون رسولا" واتهموهم آنذاك بالتقصير في أداء واجبهم. فكم من وليّ أكدّ أنّ العديد من المعلمين المشاركين في الإعتصام كانوا سببا في حرمانهم من مستلزمات حياتهم اليوميّة بعد أن أجبروا أطفالهم الكبار على الإلتحاق بالدروس الخصوصيّة. من هنا انطلقت المشاكل، ويذكر أنّ وزارة التربية والتكوين كانت قد اتّخذت قرارا تجاه أحدّ المعلمات اللاتي كانت صديقة مع المعلمات المعتصمات بنقلها إلى مدرسة أخرى كعقاب لها على خلفية الشكاوي التي وجهها الأولياء، إذ أكدوّوا أنّها تحدث الأطفال عن التطرّف على حساب حصص الدرس. وهو العقاب الثاني التي توجهه لها الوزارة. ورغم ذلك ساندها المعلمون المعتصمون . أ نسي جميعهم أنّ المدرسة منارة للعلم وليست محلا لبثّ التطرف الديني وخلق انشقاق بين أبناء الفصل الواحد؟ فكيف لطفل مازال يتابع الصور المتحركة ويجهل تفاصيل هذه الحياة أن يفقه تفاصيل التطرّف الديني ؟ .... ليجد مدير المدرسة نفسه أثناء عطلة الصيف الماضية مجبرا على البقاء بالمدرسة لمتابعة هذا الملفّ. فمن كان يتصوّر أن المعلمة تحولت إلى داعية إسلاميّة بمدرسة حكوميّة وليس مدرسة قرآنيّة؟.
وهكذا لم يستمع المدير كغيره من مديري المدارس بعطلة صيفيّة بل تمتع فقط بخمسة عشر يوم راحة. فالمدرسة ملك عموميّ وقد تعرضت سابقا للحرق خلال مناسبتين. ثمّ إنّ الجميع يشهد بكفاءته وحرصه الشديد على ضمان سير الدروس. فحين زاره المندوب الجهوي للتعليم ببن عروس بالمدرسة، يوم الأربعاء 17 سبتمبر 2014 على الساعة السابعة إلاّ ربع صباحا، وجده منهمكا في العمل. معلمون يتطوعون من أجل جيل الغد ولكن أين الوزير؟ يتواصل الاعتصام ولكن لم يتناس بقيّة المعلمين أنّ دورهم يكمن في بناء جيل الغد، جيل مثقف وواع حتى يساهم في بناء هذا الوطن الغالي. لذلك قرروا ألا يحرموا الأطفال من لذة العودة المدرسيّة بعد أن قرر معلموهم الإصرار على هذا الإعتصام غير الشرعي وتطوعوا لتدريس ساعات إضافيّة. فبسمة طفل اليوم هي شعلة أمل في المستقبل. وأسوأ شيء أن يعيش الطفل صدمة يوم عيده. لكن لا يمكن للأمر أن يتواصل بل يجب على وزير التربية والتكوين أن يتخذ قرارا صارما حيال هذه القضيّة. وكانت الوزارة قد أمضت فصل الصيف تحقق حول موضوع المعلمة التي نقلها والتي اتهمت المدير بالتحرش الجنسي فاكتشفت زيف أقوالها. ليتساءل المرء كيف لمربية فاضلة ترتدي اللباس الشرعي أن تكذب زورا ؟ ... ثمّ ما علاقة الدين والسياسة بالمدرسة ؟ ... المدرسة هي أمل المستقبل وإن تعرضت المدرسة إلى الضغط فلا أمل في جيل الغد."
وبخصوص هذا الموضوع اتصل موقع الجمهورية بالسيد محمد الجمبي مندوب التربية ببن عروس الذي أفاد أن المشكل مدرسة غرة ماي ببن عروس يعود إلى سنة 2006 والمندوبية على علم وإلمام بكل الإشكاليات المتعلقة بهذا الشأن، كما أكد أن الوزارة قد أصدرت قرارها للهيئة الإدارية بالأمر بتحديد المسؤوليات والبحث مع كافة الأطراف، معلنا أن نتيجة البحث الإداري ستكون خلال اليومين القادمين وبمطلع الأسبوع القادم سوف يقع كشف الأطراف المسؤولة ويقع اتخاذ كل الإجراءات والتدابير القانونية بشأنهم.